التخطي إلى المحتوى

مع بدء العد التنازلي لإقرار اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والاحتلال، فقد بدأ الأخير يستعرض مكاسبه وخسائره من الاتفاق الذي اقترحه الوسيط الأمريكي عاموس هوكشتين.

 

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إنه رغم أن الجانبين قد يحصلان على استقرار أمني وردع متبادل، فإن الحلبة السياسية والحزبية الإسرائيلية بدأت باعتباره جزءا من الحملة الانتخابية الجارية. ففي حين رآه رئيس الحكومة يائير لابيد مناسبة للتباهي به، فإن زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو اتهمه بتضليل الجمهور بزعمه أن المياه الاقتصادية منطقة ذات سيادة. 

رون بن يشاي الخبير العسكري ذكر في صحيفة يديعوت أحرونوت، أن “الخط الفاصل بين المياه الاقتصادية الإسرائيلية واللبنانية شكل أحد أبرز نقاط الخلاف في المحادثات، وقد حلّها الوسيط الأمريكي بالقول إن خط الترسيم سيكون عموديًا على الساحل، على بعد بضع عشرات من الأمتار في البحر.. صحيح أن اللبنانيين، خاصة حزب الله، سيرضون بالتسوية لأنه لن تكون هناك تغييرات في الحدود البرية، فإنه كذلك لن يتغير شيء لإسرائيل في الواقع القائم”. 

وأضاف في مقال ترجمته “عربي21” أن “الموضوع الثاني الذي تخلت عنه إسرائيل هو خزان قانا، ويقع معظمه في المياه الاقتصادية اللبنانية، وجزء منه داخل مياهها الاقتصادية، لكنها اتفقت على أن الخط الحالي سيمر بضع درجات جنوب غربي الخط الأصلي، ونتيجة لذلك سيضطر لبنان إلى منحها عائدات أقل من هذا الخزان مما كان مقترحًا سابقًا، وسيكون هناك خزان إضافي للغاز والنفط بالكامل في أراضي اللبنانيين، الذين سيدفعون بعض “الإتاوات” لإسرائيل مقابل جزء من خزان قانا”.

وأشار إلى أن “إسرائيل ستخسر بعض المال في هذه التسوية، لكنها ستكسب الاستقرار الأمني، لأننا في النهاية أمام مخطط تسوية فنية، وهي مكسب للطرفين، وأيّاً كان من أدار المفاوضات حول خطوطها العريضة، فإن من الواضح أنه أجرى عملية “كوكتيل” بين الاعتبارات الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية، حيث يمكن للحزب الادعاء أن إسرائيل استسلمت له، لأنها خائفة من تهديداته، فيما تنفي هي ذلك، بدليل منحها الإذن لشركة الطاقة اليونانية لإنتاج الغاز، ونقله إليها من منصة حفر “كاريش”.

وأوضح أن “جيش الاحتلال قام بجميع الاستعدادات اللازمة لضمان تشغيل الحفارة بمجرد أن تسمح بذلك الاعتبارات الفنية والتجارية، دون أن يتمكن الحزب من إلحاق الضرر بها، أو تعطيل تدفق الغاز.. لكن الخلاصة أن الاتفاق منح الحزب فرصة للنزول من الشجرة العالية التي صعدها حين هدد بإلحاق الضرر بالمنصة، بمجرد بدء إنتاج الغاز، ما قد يعني الدخول في مواجهة عسكرية واسعة مع إسرائيل، لكن اليوم بإمكانه تنفس الصعداء”.

يمكن الإشارة إلى أن الاستنتاج الإسرائيلي من الاتفاق أن هناك تنازلات طفيفة سمحت لها بالنزول عن الشجرة، لكن دون أن تجعل رئيس حكومتها يسارع للافتخار بما يعتبره إنجازا، صحيح أن الاتفاق جيد حقًا للاحتلال، لأنه يمنحه مزايا اقتصادية وأمنية كبيرة، لكن لم يتم التوقيع عليه بعد، ولعل مسارعة لابيد جاءت لاعتبارات انتخابية، رغم أننا أمام عدد غير قليل من التفاصيل الفنية المتبقية لإعلان الاتفاق، كما أن إنتاج الغاز من حقل قانا لا يزال غير مضمون، كما أنه لا يزال أمام لبنان خمس سنوات قبل أن يتمكّن من الاستمتاع بالغاز والكهرباء اللذين يمكن إنتاجهما.

هذه الأسباب كانت حرية بأن يتحلى لابيد بضبط النفس قبل المفاخرة بالاتفاق، رغم حماسه المبرر تجاه خطوة قد تساعده في الحملة الانتخابية، أما خصمه اللدود نتنياهو فقد طالب بأن يجري مناقشة الاتفاق في الكنيست، وإجراء استفتاء بشأن ما اعتبرها تسليم أراضي إسرائيل السيادية في البحر، رغم أن وزيره السابق للطاقة يوفال شتاينتس سبق أن أخبره بأن المياه الاقتصادية لا تعتبر منطقة ذات سيادة، ولا يوجد أي عائق قانوني أمام حكومة انتقالية لإنجاز هذا الاتفاق، شرط موافقة الكنيست عليها.

ورغم أن خبراء القانون لا يزالون منقسمين حول ما إذا كان يكفي الموافقة على الاتفاق في مجلس الوزراء، أو إحضارها للكنيست، فإنه بالتأكيد ليس هناك حاجة للاستفتاء، رغم مطالبة نتنياهو به، بل إن تهديده بأنه إذا شكل الحكومة القادمة فلن يحترم الاتفاق يعني أننا أمام سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، عندما تعلن المعارضة أنها ستلغي الاتفاقات الموقعة من قبل الحكومة الحالية، دون نشوء ظروف جديدة، تتطلب أو تبرر الانسحاب منها، وهذا يعني أن نتنياهو يلعب بالنار من الناحية الأمنية، لأنه قد يجعل اللبنانيين يعلنون أنهم ليسوا مستعدين للتوقيع على الاتفاق حتى يتم تشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل.

 

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

Scan the code