التخطي إلى المحتوى

المصدر: الشرق الأوسط

كتبت فيفيان حداد في الشرق الاوسط: 

تكريمات بالجملة حصدها نديم شرفان مؤسس فرقة «مياس» منذ وصوله من أميركا حيث حصد لقب «أميركاس غوت تالنت» لعام 2022. فتقديرا لإبداعه في عالم الرقص ووضعه لبنان على خارطة الفن العالمية، سلمه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسام الاستحقاق اللبناني المذهب. وبذلك يكون ثاني فنان لبناني يحصل عليه بعد الراحل وديع الصافي. وتقديراً لهذا الفوز الذي حققته «مياس» أطلق اسم الفرقة على شارع في بلدة قرطبا مسقط رأس شرفان. ومؤخراً، وبدعوة من رئيس اتحاد بلديات قضاء جبيل فادي مرتينوس أقيم له حفل تكريمي بالتعاون مع كازينو لبنان.

وتسلم شرفان في هذا الحفل الذي قدمته الإعلامية مي زيادة، مجسماً تكريمياً من مرتينوس. وهو من تصميم النحات رودي رحمة وعبارة عن منحوتة تمثل أرزة لبنان الشامخة وشعبه المتجذر في أرضه. كما قدم له باسم كازينو لبنان درعاً تكريمياً في المناسبة. وكانت الفرحة مضاعفة في هذه المناسبة بسبب حضور أهالي ضحايا انفجار 4 آب من بلدته قرطبا. فهم قرروا وضع أحزانهم جانباً احتفاء بلحظات فرح تشهدها بلدتهم، وبفضل واحد من أبنائها المبدعين.

وأعرب شرفان عن سعادته بهذه التكريمات وأهداها إلى كل لبنان ولصبايا «مياس». وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» اعتبر نديم شرفان أن التجربة التي خاضها في برنامج «أميركاس غوت تالنت» كانت من أصعب المسابقات التي خاضها في حياته. فهي حملته مسؤولية كبيرة تجاه وطنه لبنان وموهبته الفنية. وعما تعلم منها يرد: «لقد علمتني كيف أتحكم بمشاعري وأخبئ قلقي. فالمنافسة كانت ساخنة جدا ولم أشأ أن أنقل خوفي إلى صبايا «مياس». فأتسبب لهن بضغوطات هن بغنى عنها في ساعة الحسم».

خلط أوراقه نديم شرفان إثر تحقيقه هذا الفوز الذي شغل الإعلاميين الغربي والشرقي وتابع أحداثه الملايين عبر شاشات التلفزة. فهو اليوم يدخل الفن من بابه العريض سيما وأن فرقته ستقف على أحد مسارح لاس فيغاس في أوائل عام 2023. ويعلق في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «من المفروض على أي فنان إعادة خلط أوراقه بين وقت وآخر، كي لا يقع في فخ التكرار. وفي تجربة كالتي خضتها في البرنامج الأميركي كان علي مراجعة حساباتي وخلط أوراقي من جديد. فالمسؤوليات كبرت تجاه لبنان وفرقتي معاً. ومن الطبيعي أن نجتهد كي نحافظ على رونق هذا النجاح، ونستمتع بالتالي بإسهامنا في تمكين المرأة. فكل هذه العناصر مجتمعة أعدت خلطها على طريقتي كي أكون على المستوى المطلوب».

36 صبية تؤلف فرقة الرقص «مياس» التي قدمت نموذجاً حياً عن لبنان الموحد من شماله إلى جنوبه. ومع ذلك يطلعنا شرفان على معلومة أخرى: «إن الفرقة تتألف من 70 راقصة اخترنا بينهن فقط 36 للمشاركة في «أميركاس غوت تالنت». ومع ذلك نفكر بتوسيعها أكثر كي تشمل أكبر عدد من الفتيات من مختلف الأعمار فيشكلن فرقة «مياس» الكبرى». وعما إذا يفكر في تلوينها بعناصر غربية كي تواكب العالمية التي تدمغها يجاوب بحماس: «مبدئيا لا أفكر بتاتاً بهذا الموضوع، إذ أحرص على أن تكون «مياس» لبنانية مائة في المائة. فهذا هو التحدي الحقيقي الذي أرغب في خوضه من خلال هويتنا اللبنانية الأصيلة، وأنا أصر عليها».

يحيط بنديم فريقه الخاص الموزع على مهام عدة، ويصف أفراده بالجنود المجهولين. فليا غريب صديقته منذ الطفولة وهي تدير أعماله. وقد سبق وتشارك معها في لوحة راقصة في مسرح الرحابنة. وكذلك إيلي خاطر صاحب العين الثالثة كما يقول، لأنه يملك رؤيا مستقبلية خارقة. أما الموسيقي هاري هديشيان فهو بمثابة أذنه الموسيقية التي ترقص الفرقة على أنغام من تأليفه. وخلال تكريمه في كازينو لبنان شكر الإعلامية مي زيادة التي واكبته منذ بداياته، وكانت البوصلة التي توجهه في عالم الإعلام.

حازت فرقة «مياس» على مبلغ مليون دولار كجائزة مالية يقدمها البرنامج الأميركي للفائز باللقب. فهل يعتبر نديم شرفان نفسه اليوم مليونيراً؟ يرد مبتسما: «أولاً ما حصلنا عليه من هذه الجائزة هو فقط 30 في المائة من مجموعها. وكنا نعلم سلفاً بذلك قبيل مشاركتنا في «أميركاس غوت تالنت». لأن 70 في المائة من مجموعها يذهب كضريبة إلى خزينة الدولة الأميركية. فهدفنا الأساسي لم يتعلق ولا للحظة بالمال الذي سنحصده، بل بكيفية إيصال اسم لبنان إلى العالم. في الماضي عندما كنت أسافر ويسألني أحدهم من أي بلد أتي وأقول له لبنان، كانت ترتسم عنده علامة استفهام، لأنه يجهل عما أتحدث. هذا الأمر كان ينغصني، ولذلك كان همي وهدفي الأولين، هو نشر اسم لبنان. وهو ما أحرزته اليوم، صار لبنان على كل شفة ولسان وأشهر من أن يعرف عنه، حتى في أميركا».

نديم شرفان الذي لطالما حلم بممارسة موهبته على المسارح منذ أن كان طفلا سيقف مع بداية العام الجديد على أحد مسارح لاس فيغاس. ونسأله عن المسرح الذي يتمنى أن يقف على خشبته في لبنان فيرد: «أي مكان على أرض وتراب بلدي يشرفني الوقوف عليه، وهو ما يشكل واحداً من أحلامي الأولية. وطبعا يجب أن يكون مجهزاً بمستوى تقني عال يليق بما أنجزته «مياس». فأن أستطيع استقطاب سياح عرب وأجانب كي يأتوا إلى لبنان ويحضرون عرض «مياس» لهو أمر يشرفني ويمتعني. وإذا كانت هذه هي الطريقة التي أستطيع أن أساعد فيها بلدي وأنقله من العتمة إلى النور، فأنا مستعد لها».

كثيرون ربطوا بين نجاحات نديم شرفان، وما حققه من قبله عبد الحليم كركلا مع فرقته الراقصة عالمياً. فهل يعتبر نفسه النسخة المحدثة لفرقة «كركلا»؟ يوضح: «يشرفني أن تتم مقارنتي بفرقة من بلدي بهذا المستوى الراقي والعالمي. فنحن نكبر بأشخاص مبدعين أمثال عبد الحليم وولديه اليسار وإيفان كركلا. أفتخر في الربط بيننا لأن كركلا كان ملهمي الأول في مسيرتي الفنية. فكنت أحضره وألحق بمسرحياته فتأثرت كثيراً بفنه. وأتمنى أن أكون على هذا المستوى من الفن إلا بداعي وعلى قدر هذه المسؤولية».

لم يعد يمر نديم شرفان مرور الكرام أينما حل وحضر. فهو أصبح شخصية فنية معروفة مع صبايا «مياس» التي يعيرها اهتمامه الأكبر ويهديها كل نجاح يحققه.

فهل هو يشعر بالخوف من هذه الشهرة التي أصابته بين ليلة وضحاها؟ يقول لـ«الشرق الأوسط»: «ولماذا أخاف منها؟ حتى أن هذا الشعور لم ينتابني بعد، ولم أنبهر بأضوائها. فلا زلت نديم شرفان نفسه ابن الـ10 سنوات الحالم بالإبداع الفني. لا شك أن الشهرة جميلة بمحبة الناس التي يغمروننا، بها ولكنني لم ولن أتغير. فما أقوم به هو للإسهام في شهرة بلدي وفي تمكين المرأة وتزويدها بالصلابة، لأن فرقتي أنثوية بامتياز، كما تعلمون. ولكن في المقابل قد تفقدنا الشهرة إيقاع حياتنا الطبيعية والحميمة، إذ تضعك تحت الضوء باستمرار. ومع كل ذلك فأنا أشكر رب العالمين يومياً، على ما وصلت إليه سيما، وأني أعمل في المجال الذي أحب».

Scan the code