التخطي إلى المحتوى

أثار اختفاء الدمية “ليلي” جنون الجماهير المكسيكية في قطر، قبل ساعات من ملاقاة السعودية في الجولة الثالثة والأخيرة من منافسات المجموعة الثالثة بنهائيات كأس العالم 2022.

ويستضيف استاد “لوسيل”، يوم الأربعاء، مباراة المكسيك والسعودية الهامة، كون أن المنتخبين يطمحان لنيل إحدى بطاقات التأهل إلى دور الـ 16.

وكشفت وسائل الإعلام المكسيكية، مساء الثلاثاء، اختفاء الدمية “ليلي” التي تم جلبها إلى قطر لحضور المونديال لعكس التراث المكسيكي، وقالت صحيفة “دياريو” في تقرير لها عبر موقعها الإلكتروني: شوهدت “ليلي” آخر مرة بالقرب من سوق واقف، وأشار المشجعون إلى أن الأرجنتينيين هم المسؤولون عن سرقتها.

صورة ضوئية لخبر صحيفة “دياريو”

وأضافت الصحيفة: دفعت الدمية الجماهير إلى الجنون بعد ضياعها، وذلك بعدما تم وضعها في مدخل أحد المطاعم لمنح الجماهير من مختلف أنحاء العالم فرصة التقاط صور تذكارية معها، وذكر أحد المكسيكيين أنهم أهملوها لمدة 15 قبل أن تختفي.

الاختفاء

وتعود قصة الدمية “ليلي” إلى كويريتارو، التي تقع في شمال وسط المكسيك، وهي واحدة من أصغر الولايات، ولكنها أيضا أكثر الولايات تنوعا جغرافيا، عانت سابقا من الغزو الإسباني الذي ما زال يهيمن عليها ثقافيا واقتصاديا وتعليميا.

تم إحضار “ليلي” إلى قطر من كويريتارو، وأطلقت الجماهير المكسيكية رسائل عبر حسابات التواصل الاجتماعي للبحث عن الدمية، وقال بيبي كوريا، مدير المطعم الذي تواجدت فيه آخر مرة لشبكة “إي إس بي إن”: ما أعرفه هو أنهم تركوها في مكان واحد وفجأة اختفت، ونأمل أن نجدها قبل انتهاء كأس العالم.

ثقافة السكان الأصليين

اعتمدت الشعوب القديمة في أميركا الوسطى والجنوبية على تقاليد تجاوزت المستوى المادي، على أمل أن تكون الروح لسد الفجوة الثقافية والروحية بين السكان الأصليين، وبحسب الروايات الشفوية التي عرفت لدى المكسيكيين، فإن “ليلي” جزء من ثقافة “أوتومي” وهم السكان الأصليون للمكسيك المتواجدون في منطقة الهضبة المكسيكية الوسطى.

وكانت في السابق تصنع من الطين والذرة وسعف النخيل، وفي الوقت الحاضر تمتلئ بقطعة قماش، مع ضفائرها المذهلة وقطع على شكل تاج على رأسها، وتعكس الملابس التي ترتديها المنطقة التي نشأت منها، ولديها متحف خاص في كويريتارو.

ويعني اسم “الدمية ليلي” الطفل في لهجة شعب أوتومي، وفي اعتقادهم تم إنشاء هذه الدمية بشكل أساسي لحماية الأطفال المتوفين من الأرواح الشريرة.

السفيرة ليلي

منذ عام 2018 أصبحت “ليلي” ذات قيمة كونها تمثل التراث الثقافي المكسيكي، وعكست المهارة التي يتمتع بها الحرفيون الأصليون في ولاية كويريتارو، الذين يقضون أياما عدة في رسم الأشكال وخياطتها وتزيينها.

ومثلت “ليلي” طريقة لالتقاء التقاليد والمعتقدات والعواطف للسكان الأصليين، وباتت مؤخرا جزءا من مبادرة الترويج السياحي التي أطلقها وزير السياحة في ولاية كويريتارو، وتم إرسال الدمية بطول 1.5 متر في رحلة إلى قطر لتعريف العالم بالمكسيك والولاية.

وبخلاف تواجدها في المباريات، تم وضعها في أحد المطاعم بالدوحة، لمنح معلومات للسائحين حول الولاية التي أتت منها “ليلي” بالإضافة إلى كونها متاحة لالتقاط الصور معها.

رمز لوحدة المكسيكيين

في نوفمبر الماضي، قدمت ولاية كويريتارو الحملة السياحية، التي أعلن عبرها أن “ليلي” سفير للولاية في كأس العالم، وقالت إيريكا كونتريراس مورينو، منسقة المشاريع الخاصة في أمانة سياحة كويريتارو: كأس العالم من أهم الأحداث الرياضية الدولية، مما يسمح لملايين المعجبين في جميع أنحاء العالم بالالتقاء ومشاركة الجوانب الثقافية لمختلف البلدان، واصطحاب ليلي إلى كأس العالم، فرصة لا تقدر بثمن للترويج للمكسيك، وبالتالي يمكن لسفيرنا الثقافي أن تصبح الدمية رمزا لوحدة المكسيكيين.

وفور وصولها إلى قطر، قامت “ليلي” بزيارة الملاعب المستضيفة للمونديال، بداية من استاد البيت وصولا إلى ملعب 974، كما شهدت مباراة المكسيك الأولى أمام بولندا التي انتهت بالتعادل السلبي.

والمثير أن وسائل الإعلام المكسيكية باتت تتناقل تصريحات الدمية، التي أصبحت تتوقع نتائج المنتخب، وقالت قبل مواجهة الأرجنتين التي هزمت المكسيك بثنائية: أعتقد أن المكسيك لديها كل شيء لتهزم الأرجنتين، لأنه على الرغم من امتلاكهم لميسي، إلا أنه لم يصل إلى كأس العالم بمستواه المعهود، لذا أتوقع فوز المكسيك 2-1.

وانتهت المباراة بفوز الأرجنتين بهدفين دون مقابل، وأحرز النجم ليو ميسي الهدف الأول ونال جائزة رجل المباراة.

حرفة

يشار إلى أن “ليلي” يتم تفصيلها عبر أيدي حرفيين مميزين يصنعون أنماطا وتصميمات خاصة للدمية الشهيرة، ويصنع كل حرفي قطعا فريدة من نوعا مع التطريز والمنسوجات المختارة، ولن تكون نسخها متشابة، كونها مصنوعة يدويا، ومن الممكن الاختلاف في الألوان والملابس وهذه السمة المميزة لكل شخص يعمل على صناعتها يدويا.

صناعة الدمى

لطالما اشتهرت المكسيك بصناعة الدمى، وتوجد بها أشد الأماكن المخيفة للغاية، وهي جزيرة تعرف بـ “جزيرة الدمى”، الواقعة جنوب العاصمة مكسيكو، تحتوي على آلاف الدمى المشوهة التي تتدلى من الأشجار، ولا يمكن الوصول للجزيرة إلا عبر رحلة مائية تبعد ساعتين.

ويوجد في مكسيكو سيتي متحف للدمى القديمة، يشهد إقامة معرضا من فترة إلى أخرى يضم أكثر من ألف دمية.

Scan the code