التخطي إلى المحتوى

ماذا لو غاب الورق؟ بالتأكيد سنستدعي أحلامنا وخيالاتنا على حفظ ما نكتب، نصادق العقل، ونعيد، نقرأ على الذاكرة الكسولة، ونستدعي من النسيان صوراً مكتوبة بحبر الحب وعافية الانطلاق. إذا غاب الورق عنا سنخلص التصرف من جموده وسباته العميق، لابد من تحريك شيء ما، ونجلب الصحو إلى ما هو مهجور مثل الحفظ الذي حجبته وسائل البحث السريع وأصبح الاعتماد عليها، بالتأكيد ورق الذاكرة لن يختفي أو يغيب، أحدهم اختصر الكلام وقال: إذا اختفى وجدناه في أماكن ودول تؤمن بالورق وتنتج نوعية قوية دائمة التماسك والحضور القوي في محافل الدنيا التي تزين الأوراق جدرانها وتعيد التدوير. ويكمل: نحب الورق باعث الجمال والهدوء إلى النفس. وفي حكاية طريفة وعظيمة يقال إن أبو العلا المعري عندما جاءه رجل يطلب منه تتمة لصفحات كتاب كان قد فقدها، فما كان من أبي العلا إلا أن سرد له من ذاكرته مضمون الصفحات التي فقدها، العقل الإنساني يتسع لآلاف المعلومات من الكتب والدراسات. العقل الذي خلقه الله، عز وجل، ذاكرة عظيمة وكبيرة، وفي استطلاع آخر ورأي يُحترم، والأغلبية من الآراء تتفق بأن الورق حاضر لأن ورق العقل حاضر، وهو مفكرة حفظ ودليل آخر حاضر، وكل سنة نشهده في دولتنا الحبيبة الإمارات، كالمهرجان القرائي الذي نبتهج به ويكرم طفلاً نجيباً وشاباً قرأ وتفوق، ووجود معارض للكتاب، وعدد القراء الذين يغتنمون الكتاب، ويعيشون معه ومع فلسفته، نعيد إلى الذاكرة كيف حفظ الآباء القرآن وحفظوا التراث وأبقوه في صدورهم، ومنهم من افتتح متحفه الخاص ووضع الرسائل والكتب التي أتى بها منذ سنوات وحفظها في متحف للاطلاع لأنه مؤمن بأن الأجيال تشتاق إلى ذلك. وفي سياق متصل، نجد دولتنا الكريمة الإمارات فيها المكتبات الكثيرة والكبيرة التي تضم أفضل الكتب، وجعلت للكتاب الخصوصية والمكان، وهيأت له القراءة ومتعة لمس الورق. وفي أسئلة تطرحها الدكتورة عبير الحوسني في نقاش معها تقول: هل سنعود إلى عصر المشافهة والنقل الشفاهي والحفظ عن ظهر غيب؟
هل غياب الورق في الأمور الحياتية أو غيابه سيقتصر على فئة القراء والكتاب والمثقفين؟
هل وسائل التواصل الاجتماعي ستؤدي دورها كبديل عن الورق؟
لا غياب للورق وسنظل نصافح الكتاب الورقي ويفرحنا وجوده، لا أختلف. أضم صوتي دائماً للورق، أكتب عليه، أضعه على الجدار، أرطبه بنظرتي، أحرسه وأجدني داخله.